السبت، 30 يونيو 2012

مريم رجوي، رافعة راية الخلاص والتحرر


نضال لأكثر من 30 عامًا ضد الديكتاتورية والاضطهاد

ولدت مريم رجوي في عام 1953 في عائلة من الطبقة الوسطى. وهي خريجة في فرع هندسة المعادن من جامعة «شريف» التكنولوجية.
وقد تعرفت السيدة رجوي منذ السبعينات وعبر شقيقها الذي كان سجينًا سياسيًا في عهد الشاه تعرفت على مجاهدي خلق وبدأت نشاطاتها 
بالاتصال مع عوائل الشهداء والسجناء السياسيين وكانت تحررية قادت الحركة الطلابية ضد النظام الملكي الديكتاتوري البائد.
والسيدة مريم رجوي لها بنت في الحادية والعشرين من عمرها، وإحدى شقيقاتها وهي «نرجس» أعدمت من قبل نظام الشاه. كما وفي عهد خميني أعدمت شقيقتها الصغرى وهي «معصومة» بعد تعذيبها وهي حامل. وبعد مدة تم إعدام زوج معصومة أيضًا.
وبعد سقوط النظام الملكي أدت مريم وبصفتها إحدى المسؤولين عن القسم الاجتماعي دورًا مفصلياً في استقطاب طلاب المدارس والجامعات وتنظيم الاحتجاجات في مختلف أحياء طهران بما فيها احتجاجات ربيع عام 1981 والمظاهرات الضخمة التي أقيمت في العام نفسه في طهران يوم 20 حزيران من العام نفسه.
وخلال هذه الفترة كانت مريم مرشحة من قبل مجاهدي خلق في الانتخابات التشريعية للنيابة من طهران حيث حصل على 250 ألف صوت في طهران بالرغم من التلاعب الحكومي بالأصوات بكميات هائلة، وأصبحت بذلك صالحة لدخول البرلمان ولكن نظام الملالي الحاكمين في إيران حال دون دخول حتى واحد من المجاهدين إلى البرلمان ليحتل مقعدًا للنيابة فيه.
وبعد انطلاق المقاومة العادلة للشعب الإيراني يوم 20 حزيران عام 1981 تم الهجوم على مقر إقامتها لعدة مرات ولكنها نجت من هذه الهجمات. وفي عام 1982 انتقلت إلى باريس المركز السياسي لحركة المقاومة والذي يتخذ منها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مقرًا له وتولت فيها مسؤوليات مختلفة.
وبسبب ما أبدته من الكفاءة والأهلية المتميزتين انضمت مريم في شهر شباط (فبراير) عام 1985 إلى قيادة المنظمة، وبعد 4 سنوات من ذلك تم اختيارها أمينة عامة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وخلال توليها هذا المنصب وفّرت التسهيلات والتمهيدات لمزيد من مشاركة النساء في جميع مستويات وفروع المقاومة العادلة الشاملة وفجرت ثورة في جميع نشاطات ورؤى حركة المقاومة الثورية جعلت كل أعضائها قادرين على عظيم الصمود والوقوف بوجه أكثر الأنظمة الديكتاتورية دموية في التاريخ الحديث. هذا وبفضل قيادة السيدة رجوي وما وفرته هي من الظروف والفرص أمام النساء حصلت النساء المجاهدات على مواقع هامة وخطيرة في المقاومة الإيرانية.
وتشكل النساء ثلث أعضاء قاعدة جيش التحرير وأغلبية قادته ونصف الأعضاء في برلمان المقاومة في المنفى (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) ويؤدين دورهن الحاسم في جميع المجالات السياسية والثقافية والتنفيذية والإدارية.
وفي يوم  28 آب (أغسطس) عام 1993 ونظرًا لخدماتها الغالية وكفاءاتها ومؤهلاتها الشاملة اختار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي رئيسة مقبلة لإيران في فترة انتقال السلطة إلى الشعب لتكون رأس النفيذة في مواجهة النظام الشرير وممثلة عن روح التحرر وعزم المقاومة الإيرانية على تحقيق العدالة ورمزًا للوحدة الوطنية.
وعقب ذلك استقالت مريم رجوي في 17 أيلول (سبتمبر) 1993 عن جميع مناصبها في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وقالت بخصوص موقعها الجديد في المقاومة الإيرانية: «إني وفي موقعي الجديد أعتبر أن أكثر مسؤولياتي جدية هي خلق تضامن وطني وتوسيع نطاقه... إن حركة المقاومة الإيرانية ليست حركة سياسية فقط وإنما حركة إنسانية تمامًا.
رؤية السيدة  مريم رجوي

صور السيدة مريم مع ياسر عرفات الفقيد


صورة السيد مسعود رجوي مع ياسر عرفات الفقيد
القمع الشامل
يحض القرآن الناس وخاصة في الأمور الخصوصية على عدم التجسس. ولكن الملالي في إيران يصدرون الأوامر باقتحام بيوت المواطنين في منتصف الليل ليروا كيف هي الألبسة التي ارتدتها النساء في حفلات الضيافة. وقالت سيدة إن جواسيس الحكومة سألوا ابنتها البالغة من العمر ثماني سنوات في المدرسة عندما يجيء عمك إلى منزلكم هل تلبس والدتك العباءة أم لا تلبسها؟
ان نظام القمع في حكم الملالي لا يمكن مقارنته مع نظام القمع في الدكتاتوريات التقليدية لان مثل هذا النظام ليس بمقدوره أن يحفظ حكم الملالي المنبوذ ولدي النظام الحاكم في وطننا أكثر من عشرين جهازًا متخصصًا للقمع منتشرًا في البلاد وعلاوة على ذلك ففي جميع الدوائر والجامعات والمدارس والمصانع والوحدات العسكرية والحواري وحتى في حوزات العلوم الدينية أوجدوا مراكز وجمعيات تحت مسميات دينية مهمتها المحددة هي القمع. ووظيفة أعضاء هذه الأجهزة قبل أي شيء هي علاوة على السلوك السياسي مراقبة العلاقات بين المرأة والرجل والسلوك الشخصي للنساء. ولو يتم سحب وظائف مراقبة لباس النساء ولون لباسهن وفصل النساء عن الرجال في المدارس وصفوف الدراسة في الجامعات أو في الحافلات العامة وسيارات الأجرة ومراقبة المواطنين خلال الاحتفالات العائلية وحفلات الضيافة وفي الحدائق والمتنزهات أو أثناء السفر في العطل، لو يتم سحب هذه الوظائف من تلك الأجهزة لوضعت علامة استفهام أمام وجودهم إلى حد كبير.
تصدير الرجعية والإرهاب
يستخدم الملالي جنون العداء للنساء لتصدير الرجعية والإرهاب إلى البلدان الأخرى. فهم يوحون إلى القوي المهزومة والجاهلة في البلدان الأخرى بأن الانفلات الجنسي هو الهدف الأخير للديمقراطيات وان جميع المشاكل والآلام ناجمة عن دخول هذا الكائن المشؤوم ومحرك الفتن المسمي بالمرأة إلى ساحة المجتمع وفي هذا المناخ وبعرض صور لنساء بدون حجاب على حفنة من المتعصبين فإنهم يوجدون فيهم الحقد ويهيئون الأرضية فيهم لاغتيال الموظفات والمراسلات والصحفيات.
وفي عام 1963 وصف خميني حق التصويت للمرأة بأنه يفسد المجتمع، وبهذه الرؤية أطلق الملالي في بداية الثورة الإيرانية سنة 1979 عملاءهم الأوباش للفتك بأرواح النساء العاهرات وقد أحرقوا بيوتهن وقتلوهن ورجموهن بالحجارة وباعتقادهم أن في هذا أعلى درجات الثواب والخير وأكثر الأساليب فعالية وقيمة للتطهير الاجتماعي.
معاداة المرأة من أبرز خصائص ولاية الفقيه
في مجال الاشغال والمهن فان فرص العمل للنساء لا يبلغ عشرة في المئة قياسًا مع الرجال وتقل هذه النسبة في الاعمال الاعلى مستوىً والاكثر سياسية ولا توجد أية امرأة تشغل مناصب في رئاسة ادارات الجامعات وخاصة القيادة السياسية. وفي دستور النظام تم حرمان  النساء بصورة مطلقة وصريحة من تولي مناصب في القضاء ومنصب رئاسة الجمهورية والقيادة.
وتعتبر المرأة في جميع قوانين وممارسات النظام الحاكم في إيران وتقييماته بأنها ضعيفة وتابعة وانها سلعة يملكها آخرون ولا مكان لها في القيادة وادارة المجتمع وعليها أن تلزم بيتها وان عملها الرئيسي هو حضانة وتربية الاطفال والطبخ وانما خلقت من أجل هذه الاعمال.
لقد أدت معاداة حكام إيران للمرأة إلى ارتكابهم جرائم مروعة ضد النساء وفرضهم قيودًا لاإنسانية عليهن لم يسبق لها مثيل. ان اعدام آلاف النساء حتى الحوامل منهن رميا بالرصاص يشكل تحطيم قياس استثنائيا يخص بهذا النظام المعادي للإنسان في ارتكاب المجازر بحق النساء. كما ان جلد وتعذيب النساء في المرأى العام واطلاق الرصاص في أرحام النساء لاعدامهن وانشاء ما يسمّى بـ «الدور السكنية» داخل السجون وهي منشأة للتحطيم التام لامرأة أسيرة عزلاء وسحق كامل وجودها، بالاضافة إلى أساليب تعذيب وجرائم ابتدعها الملالي يعكس كلها مدى وحشية نظام الملالي التي لا مثيل لها في معاداة النساء.
في ضوء تجربتنا في النضال من أجل الديمقراطية طيلة السنوات العديدة الماضية فان طريق الحل الوحيد يكمن في طرح بديل سياسي وثقافي لنظام خميني.
لقد أدركنا خطر ولاية الفقيه قبل تولي خميني السلطة لاننا كنا نعرف خميني شخصيا وحاشيته عن كثب.. وفي عام 79 استطاع خميني مستندًا إلى المرجعية والشرعية الدينية، وباستغلال فقدان التجربة لدى الشعب أسوأ استغلال وانتهاز فرصة لقمع الحركة الديمقراطية على نطاق واسع واعدام واعتقال قادتها على يد نظام الشاه أن يسرق قيادة الثورة وأن يتحول بمساندة واسعة من الشعب الذي كان يطالب بالحرية والاستقلال إلى قوة بالغة الخطورة تسحق في طريقها كل شيء.
ومنذ البداية أدرك المجاهدون أن واجبهم هو تعرية وفضح دجل خميني وتضليله للناس وادعاءه الكاذب بالاسلام فبدأوا جدالاً ثقافيا وايديولوجيا وسياسيا مع الملالي الحاكمين وحملة توضيحية متواصلة لتوعية الشعب. وكانت هذه بداية طرح البديل الثقافي مقابل نظام خميني. إن الذي كنا نعرفه عن الإسلام  والقرآن وحياة محمد(ص) رسول الإسلام كان يختلف تمامًا عن سلوك وممارسات الحكام الجدد فالاسلام مثل جميع الاديان السماوية الاخري، دين الرحمة والتسامح والتحرر والمساواة وقد أكد الاسلام مرارًا أنه لا اكراه في الدين وأكد في الحياة السياسية والاجتماعية على الشورى والديموقراطية واحترام آراء الاخرين. فالاسلام يدعو إلى التقدم والرقي والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المجتمع.
وقبل 14 قرنًا عندما كان العرب يدفنون بناتهم الوليدات احياء فان الاسلام أعطي للنساء هوية مستقلة وحقوقًا سياسية واجتماعية واقتصادية متساوية وكان رسول الاسلام يكن أعمق الاحترام للنساء وكان أول من أسلم هو امرأة وكان هناك أربع نساء من بين أول عشرة أشخاص أشهروا اسلامهم.
ولذلك فبعد عامين ونصف من بدء حكم الملالي أصيبت شرعية خميني الدينية بشرخ وبطلت مزاعمه بأنه يرتكز على الاسلام ولم يعد الشعب ينظر إلى خميني والملالي الحاكمين نظرتهم إلى قديس. وأصبح الجميع يعلم أن المجاهدين بوصفهم أكبر قوة تحررية ومعارضة لهذا النظام هم مسلمون وان مجابهة خميني لهم ليس بسبب الاسلام بل بدافع المحافظة على ديكتاتوريته. فهدفهم الرئيسي هو الدفاع عن الحريات السياسية والاجتماعية ومعارضة استغلال الاسلام.
استغلال دور إيران في الحضارة والثقافة الإسلاميتين
فخلال القرون الاربعة عشر الماضية أي منذ ظهور الاسلام حتى اليوم لعبت إيران والإيرانيون على الدوام دورًا بالغ الاهمية في تدوين وتطوير الثقافة الاسلامية وسياسات العالم الاسلامي وكتب الإيرانيون معظم كتب الفقه وأحاديث الشيعة والسنة وكتب النحو والصرف العربي وتفاسير القرآن... وفي الفلسفة والمنطق والرياضيات والطب والكيمياء كان العلماء الإيرانيون في طليعة العالم الاسلامي وظلت كتب ابن سيناء الفيلسوف والطبيب الإيراني الذائع الصيت (القرن الحادي عشر الميلادي) تترجم لعدة لغات وتدرّس حتى وقت ليس ببعيد في الجامعات الغربية.  
وعندما نأخذ بعين الاعتبار المساحة الجغرافية والموقع الاستراتيجي وعدد السكان في إيران والعديد من العوامل الاخري نجد أن إيران تحتل مكانة استثنائية للغاية في العالم الاسلامي وفي الحقيقة انها ظلت طيلة الاربعة عشر قرنًا الماضية  تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الدول الاسلامية وقد وظف الملالي أسوأ توظيف هذه الامكانات من أجل تصدير التطرف وتحقيق أهدافهم الاجرامية، وليس من الصدفة أن يصرح لاريجاني بأن إيران هي الدولة الوحيدة القادرة على قيادة العالم الاسلامي. ولذلك فأن نظام الملالي في طهران يعمل بمثابة القلب النابض للتطرف في أنحاء العالم.
 لقد كان هناك قبل بروز ظاهرة خميني العديد من التيارات الاصولية سواء في إيران أو في غيرها من الدول، غير أن هذه التيارات لم تكن سوى فرق دينية مغلقة، وقد أدت اقامة حكم اسلامي في طهران إلى تحولها إلى حركة سياسية اجتماعية والى تهديد للسلام والديمقراطية والهدوء وفي الحقيقة أن نظام خميني وبتقديمه الدعم الدعائي والسياسي والمالي والتسليحي والتدريبي ووراء هذه جميعها وأهمها كونه النموذج والسند الاقليمي والدولي؛  يقوم بقيادة مشاعر المسلمين الدينية ويوجهها نحو تيارات متطرفة ومضادة للديمقراطية، حتى روح الاسلام التحررية وتوصياته إلى أتباعه للعمل من أجل اقامة العدل والحرية يستغلها الملالي اسوأ استغلال نحو حكمهم الشبية لما كان في القرون الوسطي. في حين انه وكما تم تجربته في إيران من جانب المقاومة فمن الممكن والمستطاع حشد مشاعر المسلمين وروح الاسلام التحررية على شكل حركة ديمقراطية وعصرية تحترم الاسلام وفي الوقت نفسه توجه الدعوة لاقامة حكم غير ديني وتعددي.
لقد أشرت حتى الان إلى الابعاد الداخلية والدولية لسجل نظام خميني. ولكن ماهو الحل؟
في ضوء تجربتنا في النضال من أجل الديمقراطية طيلة الست عشرة سنة الماضية فان طريق الحل الوحيد يكمن في طرح بديل سياسي وثقافي لنظام خميني.
لقد أدركنا خطر ولاية الفقيه قبل تولي خميني السلطة لاننا كنا نعرف الملالي وخميني شخصيا عن كثب..وخلال الشهور التي سبقت سقوط الشاه، أكد السيد مسعود رجوي قائد المجاهدين مرات عديدة وهو في السجن أن التيارات الدينية السلفية هي التهديد الرئيسي للحركة الديموقراطية ضد الشاه وحذر من الاخطار التي تمثلها الفاشية الدينية.. وفي عام 79 استطاع خميني مستندًا إلى المرجعية والشرعية الدينية، وباستغلال فقدان التجربة لدى الشعب أسوأ استغلال وانتهاز فرصة لقمع الحركة الديمقراطية على نطاق واسع واعدام واعتقال قادتها على يد نظام الشاه أن يسرق قيادة الثورة وأن يتحول بمساندة واسعة من الشعب الذي كان يطالب بالحرية والاستقلال إلى قوة بالغة الخطورة تسحق في طريقها كل شيء.
ومنذ البداية أدرك المجاهدون أن واجبهم هو تعرية وفضح دجل خميني وتضليله للناس وادعاءه الكاذب بالاسلام فبدأوا جدالاً ثقافيا وايديولوجيا وسياسيا مع الملالي الحاكمين وحملة توضيحية متواصلة لتوعية الشعب. وكان هذا بداية طرح البديل الثقافي مقابل نظام خميني. ان الذي كنا نعرفه عن الاسلام  والقرآن وحياة محمد(ص) رسول الاسلام كان يختلف تمامًا عن سلوك وممارسات الحكام الجدد فالاسلام مثل جميع الاديان السماوية الاخري، دين الرحمة والتسامح والتحرر والمساواة وقد أكد الاسلام مرارًا أنه لا اكراه في الدين وأكد في الحياة السياسية والاجتماعية على الشوري والديموقراطية واحترام آراء الاخرين. فالاسلام يدعو إلى التقدم والرقي والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المجتمع.
التمييز بين الجنسين أقدم ألوان القهر والظلم
إننا نعترف حقاً أن المعاناة والتضحية هما الثمن الذي لا بد لنا أن ندفعه للحصول علي حريتنا... ان ذلك يمثل جوهر النزال الأبدي الذي يعطي للوجود الإنساني معناه... وهو المعني الذي جعل الأناشيد التي تتغنى بحرية الإنسان تتردد رغم إصرار الطغاة الغاشمين على إسكاتها.. إن الغضب المتأجج في قلوب المظلومين سيزلزل قواعد الظلم والظالمين.
إن النساء كن أول ضحايا الظلم.. فإلى جانب اضطرارهن لتحمل الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي فقد اضطررن أيضاً للصبر على سلبيات خلقهن كنساء.
ولما كانت النساء تمثل نصف تعداد البشر على كوكبنا الأرضى، فإن الظلم القائم على التمييز الجنسي والمعتقدات المتوارثة المصاحبة له تؤثر مباشرة على النصف الآخر للجنس البشري وهو الرجل وتقيد تطوره.. ولذا فإن الحرية الحقيقية والكاملة للفرد والمجتمع لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تحرير المرأة المقهورة... وبمعنى آخر فإن التمييز ضد المرأة يعرقل ويؤثر سلباً على كافة مناحي الوجود الإنساني.
كثيراً ما يحكي لنا التاريخ عن العبيد وكيف يحتفلون بانعتاقهم، لكن ما قيل عن «عبيد العبيد» قليل.. إنهم أشد أبناء المجتمع الإنساني قهراً وعذاباً... واليوم نجتمع هنا على أمل أن يسمع العالم صوتهم الذي غاب في صمت القرون الطويل... إنه صوت المرأة.. صوت ذلك الجنس المقهور..
إن تاريخ العالم يتمثل في سعي الإنسان المجيد من أجل الحرية وأيضاً في سفر تعيس من القهر... وبينما توالت انتصارات الإنسان في تحرير نفسه من القيود التي تفرضها عليه الطبيعة، فإنه كان يقع باستمرار ضحية لقيود غيره من البشر... وهكذا بدأ التاريخ بظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ونكبت البشرية بالعبودية التي خلقها أمثال نيرون والفراعين، ومن حينها غاب صوت المظلومين بين أصوات السياط المدوية في أيدي سادتهم، ولم يبق سوى صوت السلاسل وساد العالم عصر طويل من العبودية.
هل كان للجنس البشري أن يبقى دائماً تحت رحمة القدر الأعمى والمصير المجهول؟... لقد جاءت الإجابة في ذلك اليوم المشهود في الناصرة، عندما أعلن المسيح عيسي بن مريم عليه السلام ان الله بعثه ليعالج القلوب الجريحة وليحرر المظلومين والمقهورين.
صرخة عبيد العبيد
جاءت رسالة المسيح عليه السلام بالتزام أبدي واضح يفرض على الإنسان «أن يتمرد علي قيود الرق والعبودية»... كما كشفت ثورة «سبارتاكوس» للعالم كذب الاعتقاد الراسخ بأن العبودية باقية للأبد وأكدت حتمية انتصار الحرية... غير أن سبارتاكوس ورفاقه كانوا يدركون أن الحرية، بالنسبة لهم على الأقل، غاية لن تتحقق قبل أن تفيض أرواحهم على صلبان الظالمين... وفي المساء السابق على المعركة الأخيرة صرخ سبارتاكوس في رفاقه: لقد قطعنا شوطاً طويلاً معاً وكلنا يتحرق إلي العودة إلي بلاده والتمتع بحياة الحرية، لكننا غداً مضطرون إلي القتال من جديد... أن هذا العالم يبدو وكأن لا مكان لنا فيه... وفي اليوم التالي صُلِب ستة آلاف من العبيد المناضلين علي طول الطريق الممتد من «روما» إلي «كابو»...
لقد ضحي هؤلاء بحياتهم ثمناً للحرية، لكن جاء يوم انطلق فيه صوت المقهورين مدوياً كالرعد في كل مكان ليضع نهايةً لعهود الاستعباد... حقاً تبدو صفحات التاريخ مليئة بالقهر والألم والدماء، لكن ما بها من مرارة واضطهاد يجعلنا أكثر تقديراً للحرية وإحساساً بروعتها...
لقد مرت أيام سيطر خلالها على الأرض طغاة مثل آتيلا وجنكيز خان وهتلر، لكننا الآن في عصر الاتصالات العالمية وتداول المعلومات وهو عصر التمييز يتميز بامتزاج الثقافات وتطور التعاون بين الشعوب بشكل يقض مضاجع الظلمة والمعتدين... إن التاريخ لن يتوقف أبداً عن التقدم بشكل يتحدىكافة العقبات علي طريق التحرر، وها هي الإنسانية قد حررت نفسها من قيود النظم الاجتماعية والسياسية البالية ونراها تمضي قدماً إلى الأمام.
غير أن هناك صرخة ما زالت تتردد وحدها دون جواب ويكاد التاريخ يطويها في أعماقه.. إنها صرخة «عبيد العبيد» إنها صرخة المرأة، تلك المخلوق الذي تحمل أبشع ألوان الظلم ألا وهو التمييز بين الجنسين الذي تمتد جذوره بعيداً في تاريخ البشر إلى درجة جعلت تصور وجوده أمراً لا يخطر ببال... لقد نظر الناس طويلاً إلى التمييز ضد المرأة، لا على أنه لون من ألوان الظلم، بل الأسلوب الطبيعي للتعامل معها...
إن النساء يعانين من عبودية مزدوجة، مرة مثل كافة العبيد وشأن كل المظلومين الذين تعرضوا للاستغلال خلال كل أحقاب التاريخ، ومرة أخرى لكونهن نساء... إن قيود الرق محفورة في تاريخ المرأة، وصوتها المخنوق لا يغيب بين صرخات المظلومين...
وقد قالت «سيمون دي بو وار» في محاولة لتركيز الأضواء علي الأبعاد الحقيقية للظلم علي الصفحات الغابرة التي كاد يطويها النسيان: «إن كافة الطبقات المغبونة لم يكن لها وجود في يوم ما، لكنها ظهرت بعد ذلك تباعاً»، غير أن المرأة كانت دائماً موجودة، ومعها الظلم المفروض عليها بحكم تكوينها الطبيعي والذي بات معه وصف «إمرأة» مهانة في حد ذاته في عرف الرجل الذي نظر إليها على أنها رمز للمذلّة والاستغلال الجنسي...
إن تاريخ المرأة يروي الظلم الواضح الذي أثر بعمق في حياتها وأبسط حقوقها الأساسية... والمذهل أن علاقة المرأة بظالميها في كل مكان علاقة متميزة تجعلها غير قادرة على مجرد التفكير في رفض السادة المفروضين عليها، ناهيكم عن التخلص منهم لأن الرباط الذي يجمعها بهم أبدي، وهذا في حد ذاته يجعل المأساة كاملة الفصول والأبعاد...

عداء حكام إيران للمرأة

قلنا إن المأساة تصل ذروتها عند ما تظن النساء أن أسرهن بيد ظالميهن أمر أبدي... إلا أن المرأة تعيش مأساة أكثر مرارة في بلدنا الاسير إيران الذي يعيش تحت عسف حكام إيران المجردين من الإنسانية.. فهم لا ينظرون إليها على أنها ستظل عبداً إلى الأبد فحسب، بل أنهم يشككون في إنسانيتها... إن أحداً لا يستطيع الحديث عن المرأة وحركتها المطالبة بالمساواة دون تعريض نفسها لعداوة وبربرية حكام إيران المتعصبين...
إن المرء لا يدري عن أي جانب من جوانب هذه المأساة القاسية المريرة يتحدث... هل أحكي لكم عن مئات النساء التي تتعرض للاعتداءات في الطرقات كل يوم، أو اللاتي يعتقلن ويجلدن؟ أم تلك السيدات الفاضلات اللاتي يجبرن على توقيع اعترافات بأنهن ساقطات لمجرد ارتدائهن ثيابًا لا تروق ألوانها للطغاة أو لتسلل خصلة شعر من غطاء الرأس؟ أو أحدثكم عن النساء اللاتي يرجمن بالحجارة بوحشية حتى الموت؟
هل أروي لكم حكاية مأساوية عن فتيات لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات يتهاوين ويقضين نحبهن من فرط الضغوط النفسية والبدنية، غير أن هؤلاء الصغار الذين يلجؤون إلى الانتحار فراراً من عذابات الحياة...
وفي أوائل عام 1992 نشر الإعلام الذي تسيطر عليه الحكومة أنه في المناطق الفقيرة في شمالي خراسان وسيستان وبلوجستان (جنوبي شرق إيران)، يباع صغار الأطفال لقاء ستين أو سبعين دولاراً للطفل... وفي شمال خراسان وحدها تم ترك 1700 امرأة على حالها في الأزقة والشوارع.
لعلكم سمعتم عن مأساة ملايين البنات اللاتي يعملن في حياكة السجاد في إيران... فهن يعملن في أماكن رطبة قذرة يصبحن فيها عرضة للإصابة بالشلل أو السل الرئوي والعديد من الأمراض... هؤلاء البنات يفقدن زهرة صباهن في إنتاج السجاد...
هل أحكي لكم عن جموع النساء اللاتي يعملن في المكاتب أو التدريس أو العاملات اللاتي فُصلن من أعمالهن لمجرد كونهن نساء؟...
تشير بيانات أخرى تتضمن الإحصاءات الوطنية في عام 1986 إلى أن نسبة تسع في المائة (9%) فقط من العاملين كانوا من النساء... ومن حينها وضع النساء الوظيفي يزداد سوءاً...
هل أعيد سرد مآسي ملايين الأرامل اللاتي يعشن بلا مأوى، والأطفال المتشردين الذين وقعوا ضحايا الحرب الخيانية، وآلام التشرد والمذلّة والمهانة، وضغوط الفاقة وعذاب الاغتصاب والقهر؟ هل أحدثكم عن المقاومة الأسطورية وصمود آلاف النساء أمام التعذيب الوحشي والإعدامات عقاباً على عدم طاعتهن للطغاة وكهنة التعصب باسم الدين وعلى انضمامهن لفصائل المقاومة من أجل الحرية؟
هل أصف لكم القسوة والوحشية التي تجعل من نظام الكهنة يرسل بالجدات العجائز والنسوة الحوامل وصغار البنات إلى فرق الإعدام رميًا بالرصاص دون مجرد التحقق من شخصياتهن؟...أم أقص عليكم الحكايات المرعبة عن الشابات اللاتي تعرضن لأبشع أساليب التعذيب والاغتصاب وسحب دمائهن في اليوم السابق لإعدامهن... وكل ذلك وفقاً لأوامر وفتاوى رسمية من حكام إيران... وأود التأكيد هنا أنه ومن دون شك لن يعفو الله سبحانه وتعالى ولا الشعب ولا التاريخ أبدًا عن هذه الجرائم وأن هؤلاء المجرمين سوف يحاسبون ويساءلون عما ارتكبوه من الجرائم البشعة، كما سوف تسأل أولئك الطاقات «الموؤودة»: «بأي ذنب قتلت»؟
فسلامٌ على أرواح أولئك الشهيدات البطلات في سلاسلهن، واللاتي رفضن الاستسلام رغم قسوة التعذيب، ومن واصلن المقاومة في سبيل الحرية وواجهن الصعاب في تحد عظيم من أجلها، حاملات المشاعل أمام الباحثين عنها... نعم، لقد صدقت أشرف رجوي حين قالت: «إن العالم لا يدري شيئاً عما يحدث في إيران، وما يتعرض له الشعب، خاصة النساء في بلادي منذ سنوات»...
لقد أعلن رئيس قضاء النظام، يزدي، رسمياً أن المرأة تحتاج إلى تصريح من زوجها قبل أن تغادر منزلها ولو لحضور جنازة أبيها... (صلاة الجمعة، 72 نوفمبر/ تشرين الثاني 2991)»...
ويقول «آذري قمي» أحد مُنظري النظام: «إن الولي الفقيه (وهو القائد الأعلي للنظام) يستطيع تزويج الفتيات قسرًا ورغماً عن إرادتها وإرادة والدها...».
وقال صدوقي، الذي كان ممثل الخميني في وسط إيران، ذات مرة خلال لقاء له في مجلس الخبراء: «إنه لمن العار والفضيحة العظيمة أن تصبح امرأة رئيسة للدولة أو الوزارة»...
وفي دروسهم الدينية يحاول حكام إيران تبرير أكاذيبهم الفاضحة، فيقولون أن هناك ثلاث طوائف ينبغي الكذب عليها: النساء والكفار والمنافقين! لكن ذروة خبث هؤلاء المعادين للإنسانية تطفو إلى السطح عند ما ينسبون جرائمهم ضد المرأة ومزاعمهم الرجعية إلى الإسلام. فيما يؤكد الواقع أن هذه الجرائم والبربرية لا يقصد منها غير التمسك بالسلطة. «فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلاً» (صدق الله العلي العظيم).
لقد ثارت نساء إيران ضد هذا الوحش الذي هب من أعماق عصور الجاهلية المظلمة والذي يقوم على عدائه للمرأة والعنصرية الجنسية... إن هذا الوحش الرهيب ليس عدواً للشعب الإيراني وحده، بل هو أيضاً في حرب ضد الإنسانية والبشرية جمعاء...
التطرف... خطر يهدد العالم

 من طهران، القلب النابض للرجعية والتحجر، بدأ أخطبوط التطرف يمد أذرعه الملوثة بالدماء إلى الدول والمجتمعات الإسلامية في كافة أنحاء العالم، مستغلاً العقيدة الدينية لأكثر من مليار مسلم التي يروج من خلالها لمطامعه التوسعية وليصدر الفوضى والأزمات... إن السياسة الخارجية لحكام إيران تقوم على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الإسلامية، وإصدار الفتاوى بقتل المواطنين الأجانب وشن الحملات الإرهابية في الخارج... كما أنهم يبددون أموالاً هائلة في شراء الأسلحة من كل لون ونوع، خاصة أسلحة الدمار الشامل الكيمياوية والجرثومية والنووية...
إن سياسة خارجية بهذا الشكل لا تعدو كونها من نتائج طبيعة المتطرفين... إن هذه الحقائق تظهر بوضوح كيف يهدد شبح الفاشية المتسترة بغطاء الدين السلام العالمي، وهي تستدعي ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته وتصديه لهذه الظاهرة الخطرة والقضاء عليها...
إنني أكرر هنا أن هؤلاء الرجعيين الذين يقهرون الشعب الإيراني وخاصة النساء بدعوى الانتساب بالدين، لا علاقة لهم بالإسلام، إنما هم محتالون باسم الدين يستغلون الإسلام لتحقيق مآربهم غير المشروعة...
إن الإسلام هو دين السلام والحرية والتحرر والمساواة والحب والرحمة، بينما عقلية حكام إيران المتعصبين تقوم علي البطش والعداوة والجهل وهي عقلية نقيض وعلى حرب مع مبادئ الإنسانية وسلام العالم، بل إنها تمادت في ذلك وتجاوزته إلى أمور أثارت قلق العالم. ففي عام 1993 عارض النظام الإيراني في مؤتمر حقوق الإنسان في فينا مبدأ عالمية حقوق الإنسان... كما عارض حق المرأة في استخدام موانع الحمل في مؤتمر تنظيم السكان الذي انعقد في القاهرة عام 1994 ... وعارض مبدأ المساواة بين الجنسين في مؤتمر المرأة الذي انعقد في بكين عام 1995 ... وحتى الآن لا يزال النظام الإيراني مصرّاً على مواصلة الإرهاب وإثارة العدوان ومعاداة السلام...
النساء... حماة التحالف الدولي ضد التطرف
لقد أخفق المجتمع الدولي طويلاً في إظهار الحساسية الواجبة ضد خطر المتلاعبين بالدين والإرهابيين الطغاة الذين يحكمون إيران ويواصلون استغلال كل فرصة ممكنة للاستفادة من هذا التسامح، ويجعلون، من خلال الإرهاب، سياسات الدول بل ومواقفها المبدئية رهينة لهم الأمر الذي يجعل من الحزم السبيل الوحيد للتعامل مع نظام بهذا الشكل، إن ذلك لا يمثل التزاماً أخلاقياً وإنسانياً فحسب، بل إنه ضرورة سياسية وتاريخية أيضاً... إن مستقبل الديمقراطية والتقدم والسلام في العالم يحتاج بشدة إلى مثل هذه السياسة الحازمة.
ونحن هنا بحديثنا عن المرأة وحركتها نحو المساواة وجهادها ضد التطرف، نؤكد أنها ليست فقط حاملة لواء الكفاح من أجل المساواة، بل وهي القوة الدافعة خلف التقدم والسلام والعدالة الاجتماعية... وفي هذا المضمون نجد أن توصيات مؤتمر المرأة
وجود النساء في القيادة ضرورة
إن القضاء على نظام التمييز الجنسي وتحقيق تغيرات كبيرة في مجال المساواة يستلزم تمكين المرأة من التأثير الملموس على القيادة السياسية لفترة من الزمن.. ان هدف هذا  الدور البارز في القيادة هو ضمان المساواة واستئصال شأفة القهر الجنسي، وليس تحقيق مساواة كهنوتية رجعية للمرأة في ظل التطرف... فهكذا يبدو واضحاً أن التحرر هو جوهر النضال وأهم إنجازاته، لأن إستئصال شافة القهر كفيل بإطلاق الطاقات المحررة لتقذف بالعوائق التي تقف في وجه المجتمع الإنساني المعاصر ولتساعد في إرساء قواعد نظام جديد للعلاقات الإنسانية على مستوى المجتمعات المحلية والعالمية...
إننا نعيش الآن في العصر العظيم لتحرير المرأة التي كانت ضحية قرون طويلة من القهر التاريخي الظالم... وسوف تعكس صرختها اليوم أصوات كل المقهورين، لتكون صيحة مدوية تعبر عن كل من لا صوت له... صوت الأطفال والمتشردين الذين لا يفتقرون إلى الخبز فحسب، بل إلى العطف والتعاطف.
لقد جاء دور المرأة لتتمرد ضد كل ألوان الظلم ولتنهض للقضاء على القهر والتمييز الجنسي، ولتساهم في توحيد المرأة والرجل في كيان إنساني واحد. لا بد للنساء من التمرد لمنح فرصة جديدة للمجتمع الإنساني كي يطيح بكل أعمدة الظلم ورموز القهر القائمة ويخط مساراً جديداً.
تجارب المرأة في المقاومة الإيرانية
اسمحوا لي بالتحدث عن إنجازات المرأة في المقاومة الإيرانية... انها انجازات تعد في حقيقة الأمر إضافة إيجابية لكفاح المرأة في كل مكان من أجل المساواة... إننا نتطلع إلى شقيقاتنا وأفكارهن وتجاربهن لدعم جهودنا وزيادة إنجازاتنا...
فبعد قرن من المساهمة الإيجابية في كفاح المجتمع الإيراني، وجدت المرأة الإيرانية نفسها وجها لوجه أمام عسف الدكتاتورية الإرهابية المتعصبة التي تحكم إيران باسم الدين... إن وحش الرجعية والتخلف قد عاد إلى الحياة ليقذف بالبلاد في مشاكل صعبة لا حصر لها... فيجب على المرأة أن تحمل رسالة تقضي باستحالة التهاون أو الإستسلام... وقد ساهمت المرأة في الكفاح السياسي ونهضت لتقاوم الرجعيين دفاعاً عن الحريات والديمقراطية، وهي الآن تنقل إلى العالم صرخات المقهورين المكبلين بأغلال الظلم أبناء الأمة الإيرانية العزيزة الفخورة بنضالها العنيد...
وقد حققت المرأة الإيرانية خلال عقدين من النضال انتصارات ضمنت لها مراكز قيادية في حركة المقاومة... فهناك أغلبية من النساء في برلمان المقاومة تمثل أكثر من نصف عدد أعضاء البرلمان، كما ان القيادة العامة لجيش التحرير الإيراني تشكل بصفة رئيسية من النساء، وهن أيضاً يشكلون إجمالي أعضاء مجلس قيادة المجاهدين الذي يعد المحور الأساسي للمقاومة... وتساهم النساء أيضاً في القيادة والإدارة في العديد من مستويات السلك العسكري والفني والوحدات التخصصية التابعة لجيش المقاومة بالإضافة إلى الهيكل السياسي والتنظيمي للمنظمة... وقد كان لدور المرأة القيادي أثر واضح في الإطاحة بالفصل بين المرأة والرجل والعمل وجعل التمييز الجنسي تاريخاً لن يعود..
قفزة هائلة نحو تحرير المرأة
منذ إثني عشر عاماً، أدركت حركة المقاومة وهي في معركة الحياة أو الموت ضد حكم الملالي ضرورة تبوّء المرأة لمسؤوليات أكبر وأهم في هذا المنعطف التاريخي... وقد لعبت نساؤنا دوراً عظيماً في القتال ضد نظام الحكم في إيران، رغم وقوف الشكوك والمخاوف حول قدراتها حجر عثرة في طريق التغيير.
ان تجاربي في الكفاح النسائي جعلتني دائماً ما أري قصص الكفاح تختلط فيها البطولة مع المأساة بشكل عادة ما يدعو إلى السخرية... وهذا يعكس السيطرة العميقة للقصور الرجالي للمرأة في ثقافة المجتمعات...
وقد أظهرت تجارب منظمتنا التي تقاتل الملالي الطغاة بطولة النساء وتضحية عشرات الآلاف منهن بالحياة مما لم يترك مجالاً للشك في جدارتهن بالمساواة وحتمية الإطاحة بالظلم القائم على التمييز الجنسي... إنني كثيراً ما أتساءل: ماذا تبقي للمرأة أن تفعل حتى تثبت وجودها للآخرين كيف يمكن التشكك في قدرة النساء اللاتي هزمن القتلة في السجون بأيديهن المجردة على التعامل مع متطلبات السياسية أو الإدارة اللازمة لإدارة شؤون العمل والحياة؟ هل من المعقول أن تكون كل هذه الإرادة والأحاسيس الجياشة قد خلقت فقط للعناية بالأزواج في المنازل؟ إنني أرى ذلك عسيراً على التصديق!
ولعله من المؤسف أن هؤلاء النساء لم ينظرن إلى أنفسهن كمصدر جدير بكل إعجاب للبطولة والقدرة على التغيير... فرغم كل ما قمن به من انجازات مذهلة، فإن واقع الحال يشير إلى عدم إيمان الكثيرات بقدراتهن... وهذا في حد ذاته يتطلب ثورة داخلية على الذات للقضاء على هذه السلبية الخطيرة... ولهذا فقد أدركنا أن التغيير التدريجي لن يجدي ومن ثم استخلصنا أن الحل الوحيد لكسر هذه العراقيل يتلخص في مشاركة المرأة في القيادة.